من نحن
تتجذر قرية صفا في فضاء متلاحم من التاريخ والجغرافيا والاجتماع والتراث والوجود الانساني. يرجع اسم القرية إلى كلمة صوفانا السريانية وتعني التصفية أو التنقية. تزخر القرية بالمعالم الأثرية والتاريخية التي تكالبت عليها حضارات متعددة. القرية لا تزال تشكل نقطة جذب تاريخي. تفيض بالروايات التاريخية، والحكايات الشعبية، والقصص التراثية، التي تعكس هوية الحياة الوطنية والاجتماعية فيها.
تتميز قرية صفا التي تتربع على بوابة فلسطين التاريخية بثقل تاريخي. كانت القرية في العهد العثماني مركز ناحية يتبعه أكثر من 22 قرية، وشاركت في قيادة الثورات والانتفاضات الفلسطينية، إذ عرف العديد من أبنائها في قيادة الثورة الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وفي الانتفاضات الفلسطينية المعاصرة. يقدر عدد أسرى القرية أكثر من 300 أسير. كانت أول حالة اعتقال في العام 1969، ومن الأسرى من حكم بالمؤبدات وعشرات السنوات.
الواجهة الغربية لقرية صفا- أو ما يعرف بحدود العام 1967، كانت ولا تزال تشكل الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمواطني القرية. فهي عبارة عن سلة القرية الغذائية لوجود السهول الزراعية، والتي قضم منها الاحتلال الإسرائيلي آلاف الدونمات منذ حرب 48 وحتى يومنا هذا. تقدر المساحات المصادرة أكثر من 7900 دونم.
تتشابك قرية صفا، والتي تبعد عن مدينة القدس نحو 25 كم، وعن مدينة رام الله نحو 18 كم مع قرى فلسطين التاريخية التي احتلت في العام 1948، والقرى والبلدات الفلسطينية التي وقعت تحت الاحتلال في العام 1967. تعرضت القرية لهجوم في العام 1948 لوقوعها على طريق القدس – اللطرون. تشتهر قرية صفا بأهم معركتين، وهما معركة باب الواد، ومعركة كريسنة. بلغ عدد الشهداء من أبناء القرية والقرى المحيطة فيها 22 شهيدا.
زخرت قرية صفا بعبق التاريخ، حيث وجود 22 موقع أثري وخرب فيها. يتوسط القرية جذر القرية أو ما يعرف بالبلدة القديمة، والتي شكلت عصب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. تعرضت البلدة القديمة في أجزاء كثيرة منها للهدم، ولم يبق منها إلا معالم قليلة قائمة حتى يومنا هذا. يوجد في القرية تطور عمراني حديث، والتي تعكس هوية القرية الفلسطينية. من أهم المعالم الأثرية والتاريخية، خربة اللوز، حورية، شهاب الدين، وكنيسة بيزنطية في مدرسة اتحاد صفا.
يوجد في القرية أربع مدراس، من تلك المدارس قديمة، تعود الى العهد العثماني والعهد الأردني، ومنها الجديد يعود لعهد السلطة الوطنية الفلسطينية. يلتحق في المدارس نحو 1186 طالب وطالبة. كانت مدرسة بنات صفا الثانوية، تشكل نقطة تعليم لبنات القرى المجاورة، وكذلك مدرسة اتحاد صفا الثانوية ولاتزال- تشكل معلم تعلمي لأبناء المنطقة الغربية. يضاف الى ذلك مدرسة صفا المختلطة، ومدرسة تونس.
قرية صفا عبارة عن نسيج اجتماعي فلسطيني متماسك، يقدر عدد سكانه بأكثر من 5000 آلاف نسمة يعيشون فيها. الى جانب ما يعادلهم يعيشون في دول أخرى. هناك مئات النازحين من أسر القرية، الذين نزحوا الى المملكة الأردنية في العام 1967. عرفت القرية الهجرة الخارجية للبحث عن العمل منذ الثلاثينيات والأربعينات من القرن العشرين. تتركز معظم الجاليات الصفاوية في أمريكا والبرازيل. تضم قرية صفا الى جانب أهاليها، مئات العائدين الذين يعيشون في القرية من قرى فلسطين التاريخية.
تبلغ مساحة قرية صفا تحو 15000 دونم، منها ما تم مصادرته من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1948، وفي العام 2001 منذ البدء في بناء جدار الفصل العنصري، وفي العام 2024 لإقامة ما يسمى بالمنطقة الصناعية. حسب مشروع تسوية الأراضي بلغت مساحة القرية حوالي 7024 دونم يقع منها 1800 دونم فقط داخل مخطط القرية الهيكلي وباقي الأراضي واقعة في المنطقة المسماة ج.
يعمل مئات الشباب والشابات من القرية في القطاع الحكومي والخاص والأهلي. بالإضافة الى التحام أهالي القرية بالعمل الزراعي، وفلاحة الأرض، والتربية الحيوانية، والمزارع اللاحمة. كما تنتشر في أراضي القرية عشرات العزب بين أشجار الزيتون والتي تعج بالحياة اليومية. يركز أهالي القرية على الاهتمام بالأراضي. تشهد القرية عودة كبيرة للاهتمام بالأراضي وفلاحتها واستصلاحها. يوجد في القرية آلاف أشجار الزيتون والعنب والتين. ومن أشجار الزيتون يعود تاريخه الى مئات السنين.
عرفت القرية إنشاء المؤسسات المجتمعية منذ سبعينيات القرن العشرين، فكان نادي صفا الرياضي أول مؤسسة في القرية. في الثمانينات تم إنشاء روضات للأطفال. في أواخر التسعينيات تم إنشاء مركز حنظلة الثقافي. ما بعد الألفين تم إنشاء مركز المروج، وجمعية صفا الزراعية، وتعاونيات زراعية مثل الياٍس، وجمعية صفا النسوية. كما يوجد في القرية مسجدين، ومقبرتين، هما: المقبرة الغربية ومقبرة شهاب الدين.
منذ مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، تم تشكيل لجنة مياه صفا، وبعد مضي أعوام عليها، تم تحويل لجنة المياه الى مجلس قروي. حاليا يتكون المجلس القروي من 9 أعضاء، منهم امرأتين. يوجد للمجلس القروي مبني مكون من طابقين، الى جانب وجود عدد من الموظفين. يعمل المجلس القروي حسب خطة تنموية للقرية، شارك الأهالي في إعدادها وتطويرها.
يركز المجلس القروي في خطته على تقوية قدرات المؤسسة، من خلال تطوير أنظمتها المالية والإدارية والبشرية. يسعى المجلس الى تقديم خدمات نوعية للمواطنين، وإحداث تطوير في لبنية التحتية والتعليمية والاقتصادية والخدمات العامة في القرية. بالإضافة الى ذلك، يلعب المجلس القروي دورا قياديا في دعم مؤسسات القرية، والتشبيك والتعاون مع مؤسسات القرى المجاورة.
يوجد في القرية شبكة مواصلات داخلية وخارجية. تمتد طول شبكة المواصلات الداخلية نحو 15 كم، وهي طرق معبدة، الى جانب وجود نحو 10 كم بحاجة الى تعبيد. يتوفر في القرية شبكة كهرباء تخدم نحو أكثر من 1000 بيت في القرية، والمحال التجارية، والمزارع، والمدارس، والمؤسسات. كما يتوفر في القرية شبكة إضاءة عامة. يوجد أيضا شبكة اتصال، وشبكة مياه، تغطي معظم حارات القرية وأحواشها.
ترتبط القرية بأربع طرق رئيسة مع القرى الفلسطينية، وهي طريق المحجر، طريق صفا- بيت عور التحتا- طريق مدرسة اتحاد صفا- طريق الواد (صفا- دبر ابزيع)، وطريق صفا- بلعين. كما يوجد طرق زراعية منتشرة في حقول الزيتون والأراضي الزراعية الأخرى. كما يتوفر في القرية عيادة صحية، وحديقة عامة، وملعب رياضي.
هذا المزيج من التاريخ والحاضر والمستقبل… هذا المكان الذي يضرب بجذوره الى آلاف السنين، والازدهار والتقدم الذي يعرفه هذا المكان، والحكايات والذكريات، والقصص والروايات، والبطولات، والأحداث التاريخية، والتطور العمراني، والحياة الاجتماعية الهادئة، يشكل الجغرافيا والاجتماع لأهالينا، كجزء من وطن أكبر… اسمه فلسطين.